فصل: 11- وصية أمير المدينة المشرفة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التعريف بالمصطلح الشريف



.8- وصية والي حرب:

(وهو يعلم ما علق بذمته من أمر الجمهور، وقبل فيه قوله من ستر المهتوك وهتك المستور، وما يجمه سواد البلد من غثاء السيل، وما يغطي عليه دجى الليل من الويل، فليجعل هذا منه ببال، وليسترفع أوراق الصباح حتى لا يخفى عليه ما تستره سود الليال؛ وليخمد نوائر العامة فإنها أطير شرارا من النيران، وليزعهم بهيبة السلطان فإن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن. ونحن نوصيه أن لا يغلق بابا مفتوحا ولا يفتح بابا مغلقا، ولا يقتل عقربا يمكن كف شرها بالرقا؛ وليتتبع المفسدين لإقامة ما أمر الله من الحدود، وليراجع الشرع الشريف إذا أبهم عليه المقصود، وليتغافل عمن تستر بداره في جنح الليالي الأثائث، وليعقم نسل الخمر فإنها أم الخبائث، وليرق ما ظفر به من أجلابها، وليؤدب تجارها وبئس التجار ويبالغ في آدابها، ولينصب الأرصاد على من دخل من أبواب المدينة أو أتى البيوت من غير أبوابها، وكذلك أختها في مخامرة العقل، وشقيقتها في التأديب، إن لم يكن الحد لعدم النقل؛ وهي الحشيش التي يعرف آكلها دون الناس بعينه، وتقضيه من سكر المدام ما فاته من دينه، وتبدو صفراء في وجهه سوداء في جسمه خضراء في فمه حمراء في عينه، مثلما تجريه الضرب المبرح من دمه فإنها طالما حسنت لأهلها الشهوات، وأعطته طعم المر وهي نبات، طال ما طلبها هي وأختها الخمر إبليس واستدعاها، وأخرج بها لسوائمه الضالة ماءها ومرعاها؛ وليخلص من الحقوق ما رفع إليهن ويطالب به من مطل به وقد أوجبه الحق عليه، ولينتقد أرباب الزغل نقد الصيارف لزيفهم المردود، وليقم عليهم السياسة إذا لم تمض عليهم الحدود؛ وليتفقد الحبوس في كل حين، ويتعرف أحوالها ليعرف ما يفعله عن يقين؛ وليستعد لطوارئ المهمات، وعوادي الملمات، ولا يبيت كل ليلة إلا وهو متأهب لإطفاء كل نار، وإخماد كل لهب وأولها نار الفتن وما يطير فيها من شرار، وإن وقع والعياذ بالله حريق في قطر من أقطار المدينة يعجل إليه البدار، ويعجل بهدم أبنيته وهدم ما حوله حتى لا يؤخذ الجار بالجار؛ وليكن عنده من طوائف السقايين والقصارين من لا يجد في خوض الماء مشقه، ولا تطول عليه شقه، ولا يرى جدارا دبت في أحشائه النار إلا ويطفئ بما عنده من الماء ما عنده من الحرقة؛ والحذر ممن في بابه فإنه لا دواء لدائهم العضال، ولا استقامة لمن حاد منهم وحاد إلا بأخذ الروح والمال؛ ونحن منه بمرأى ومسمع، فليتق الله وليحذرنا ففي هذا وهذا الخير أجمع).

.9- وصية أتابك المجاهدين:

(وأنت ابن ذلك الأب حقيقة، وولد ذلك الوالد الذي لم تعمل له إلا من دماء الأعداء عقيقة؛ وقد عرفت مثله بثبات الجنان، وصلت بيدك ووصلت إلى ما لم يصل إليه رمح ولا قدر عليه سنان، ولم يزاحمك عدو إلا قال له: أيها البادي المقاتل كيف تزاحم الحديد، ولا سمي اسمك لجبار إلا قال له: {وجاءت سكره الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد}؛ وأنت أولى من قام بهذه الوظيفة، وألف قلوب هذه الطائفة التي ما حلم بها الحالم إلا وبات يرعد خيفة، فليأخذ هذا الأمر بزمامه؛ وليعمل لله ولإمامه، وليرم في حب البقاء الدائم بنفسه على المنية، ولينادم على معاقرة الدماء زهور سكاكينه الحنية. واطبع منهم زبرا تطاول السيوف بسكاكينها، وتأخذ بها الأسود في عرينها، وتمتد كأنها آمال لما تريد، وترسل كأنها آجال ولهذا هي إلى كل عدو أقرب من حبل الوريد؛ وأذك منهم شعلا إذا دعيت لأحسابها لا تجد إلا متحاميا، وارم منهم سهاما إذا دعيت بأنسابها الإسماعيلية فقد جاء أن إسماعيل كان راميا؛ وفرج بهم عن الإسلام كل مضيق، واقلع عن المسلمين من العوانية كل حجر في الطريق؛ وصرف رجالك الميامين، وتصيد بهم فإنهم صقور ومناسرهم السكاكين؛ واخطف بهم الأبصار فبأيمانهم كل سكينة كأنها البرق الخاطف، واقطف الرءوس فإنها ثمرات أينعت لقاطف، واعرف لهم حقهم وضاعف لهم تكريما، وأدم لهم بنا بر عميما، وقدم أهل النفع منهم فقد قدمهم الله {وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما} - واعلم أنها مثل الوحوش فزد في تأنسهم، واشكر إقدامهم فطالما اقتحموا على الملوك وما هابوا يقظة حرسهم، وارفع بعضهم على بعض درجات في نفقات تسافيرهم وقعود مجلسهم، ولا تسو بينهم فما هم سواء و{لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم}. وأصل هذه الدعوة ما زالت تنتقل بالمواريث حتى انتهت إلينا حقوقها، وأومضت بنا حيث خلعت هياكلها بجرعاء الحمى بروقها؛ والله تعالى يوفقه ويرشده، ويطول باعه لما قصرت عنه سواعد الرماح ووصلت إليه يده).

.10- وصية أمير مكة المعظمة:

(وليعلم أنه قد ولي حيث ولد بمكة في سرة بطحائها، وأمر عليها ما بين بطن نعمانها إلي فجوة روحائها، وأنه قد جعل له ولاية هذا البيت الذي به تم شرفه، وعلت غرفه، وعرف حقه له أبطحه ومعرفه، إذ كان أولى ولاة هذا الحرم بتعظيم حرماته، وسرور جوانبه بما يلوح من البشر على قسماته، ولأنه أحق بني الزهراء بما أبقته له آباؤه، وألقته إليه من حديث قصي جده الأقصى أنباؤه؛ وهو أجدر من طهر هذا المسجد من أشياء ينزه أن يلحق به فحش عابها، وشنعاء هو يعرف كيف يتتبعها وأهل مكة أعرف بشعابها.
فليتق راية هذه الولاية باليمين، وليتوق ما يتخوف به ذلك البلد الأمين، وليعلم أنه قد أعطى الله عهده وهو بين ركن ومقام، وأنه قد بايع الله، والله عزيز ذو انتقام، وليعمر تلك المواطن، ويعم ببره المار والقاطن، وليعمل في ذلك بما ينجث عنه نجاره، ويأمن به سكان ذلك الحرم الذي لا يروع حمامه فكيف جاره، ولينصت إلى اسمه عز وجل حيث يعلن به الداعي على قبة زمزم في كل مساء وليعرف حق هذه النعمة، وليعامل من ولي عليهم بما يليق أن يعامل به من وقف تحت ميزاب الرحمة؛ وقد أكد موثقه والله الله في نقضه، ومد عليه يده والحجر الأسود يمين الله في أرضه، وليتبصر أين هو فإن الله قد استأمنه على بيته الذي بناه، وسلمه إليه في بمشعره الحرام ومسجد خيفه ومناه؛ وإنه البيت المقصود: وكل من تشوق حمى ليلى فإنما قصده أو لعلع بلعلع فإنما عناه؛ وفي جمعه يجتمع كل شتيت، وفي ليالي مناه يطيب المبيت، وبمحصبه تقام المواسم، وتفتر الثغور البواسم، وتهب من قبل نعمان الرياح النواسم، وفي عقوة داره محط الرحال في كل عام، ومقر كل ذات عود تجذب بقلع وعوذ تقاد بزمام، وإليه تضرب الرجال البراري والبحار، وتأتيه الوفود على كل قطار يحدى من الأقطار؛ وكل هؤلاء إنما يأتون في ذمام الله بيته الذي من دخله كان آمنا، وإلى محل ابن بنت نبيه الذي يلزمه من طريق بر الضيف ما أخذ لهم وإن لم يكن ضامنا.
فليأخذ بمن أطاع من عصى، وليردع كل مفسد ولا سيما العبد فإن العبد لا يزجره إلا العصان وليتلق الحجاج بالرحب والسعة، فهم زواره وقد دعاهم إلى بيته وإنما دعاهم إلى دعة؛ وليتلق المحمل الشريف والعصائب المنصورة، وليخدم على العادة التي هي من الأدب مع الله معنى ومعنا صورة؛ وليأخذ بخواطر التجار فإنهم سبب الرفق لأهل هذا البلد وتوسعة ما لديهم، والمستجاب فيهم دعوة خليله إبراهيم- صلوات الله عليه- إذ قال: {واجعل أفئدة من الناس تهوي إليه}، ولا تتحيف أموالهم بغرامة يقل بها الغنم، ولا بظلامة فإنه بإبراز هذا البيت الذي يرد دونه من اراد فيه إلحادا بظلم؛ ولينظر كيف حبس دونه الفيل، وليكف عادية من جاوره من الأعراب حتى لا يخاف ابن سبيل؛ وليقم شعائر الشرع المطهر، وأوامر أحكامه التي قامت بأبويه: بحكم جده سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وسيف أبيه حيدر؛ وليأمر طوائف الأشراف وأشياعهم وسائر أهل موالاتهم وأتباعهم بلزوم ما كان عليه صالح السلف وما عليه الإجماع، وتجنب ما كانت الزيدية قد زادت فيه وكف الأطماع؛ وليتق الله فإنه مسئول لديه عما استرعاه وقد أصبح وهو له راع؛ وإياه أن يتكل على شرف بلده، فإن الأرض لا تقدس أحدا، أو شرف محتده، فإن يوم القيامة لا ينفع فيه ولد والدا ولا والد ولدا).

.11- وصية أمير المدينة المشرفة:

(فكمل بتقوى الله شرفك، واتبع في الشريعة الشريفة سلفك؛ وكتاب الله المنزل؛ أنتم أهل بيت فيكم تنزل، وسنة جدكم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تهمل، وهي مجدكم المؤثل، ومعرفة حق من مضى عنكم، وإلا فعمن تنقل، ومنكم، وإلا فممن تؤمل؛ وإزالة البدع وإلا فلأي شيء سيوفكم تصقل، ولماذا رماحكم تعدل؛ والرافضة وغلاة الشيعة هم دنس من انتمى إلى هذا البيت الشريف بولائه، وسبب وقوف من يقصد الدخول تحت لوائهن فهم وإن حسبوا من أمداده، ليسوا- وحاشى نوره الساطع- إلا من المكثرين لسواده؛ أرادوا حفظ المودة في القربى فأخلوا، وقصدوا تكثير عددهم فقلوا، وأنف من هو بريء من سوء مذهبه من أن يتظاهر بالولاء فيعد في أهل البدع بسببهم، مع أنهم طمعوا في رضى الله فأخطأتهم المطامع، وصحيح أنهم زادوهم عددا إلا أنها كزيادة الشغياء أو كزيادة الأصابع. فصمم عزمك على ما عاهدت الله عليه من رفع أيدي قضاتهم، ومنعهم هم ومن اتبع خطوات الشيطان في سبيل مرضاتهم، وحذرهم مما لا يعود معه على أحد منهم ستر يسبل، ولا يبقى معه لغير السيف حكم يقبل؛ فمن خاض للسلف الصالح يم ذم أغرق في تياره، أو قدح فيهم زناد عناد أحرق بناره؛ وألزم أهل المدينة الشريفة بكلمة السنة فإنها أول ما رفعت بتلك المواطن المعظمة أعلامها، وسمعت في تلك الحجرة المكرمة أحكامها، مع تعفيه آثار ما ينشأ على هذه البدعة من الفتن حتى لا ينعقد لها نقع مثار، وتوطئة أكناف ذلك الحمى لئلا يبقى به لمبطل في مدارج نطقه عثار؛ والوصية بسكان هذا الحرم الشريف ومن ينزل به من نزيل، ويجاور به مستقرا في مهاد إقامة أو مستوفزا على جناح رحيل، ومن يهوي إليهم من ركائب، ويأوي إليهم من رفقة مالت من نشوات الكرى بهم راقصات النجائب، ومن يصل من ركبان الآفاق، وإخوان نوى يتشاكون إليهم مر الفراق، ومن يتلاقى بها من طوائف كلهم في بيوت هذا الحي عشاق، وأمم شتى جموعهم من مصر وشام ويمن وعراق، وما يصل معهم في مسيل وفودنا، وسبيل جودنا، ومحاملنا الشريفة التي ينصب لنا بها في كل أرض سرير، وأعلامنا التي ما سميت بالعقبان إلا وهي إليها من الأشواق تطير؛ فمتى شعرت بمقدم ركابهم، أو برقت لك عوارض الأقمار من سماء قبابهم، فبادر إلى تلقيهم، وقبل لنا الأرض في آثار مواطيهم، وقم بما يجب في طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وطاعتنا، وأخرج عنهم كل يد ولا تخرجهم عن جماعتنا.
وأهل البادية هم حزبك الجيش اللهام، وحربك إذا كان وقودها جثث وهام، وهم قوم لهم يؤدبهم الحضر، ولا يبيت أحد منهم لأنفته على حذر؛ فاستجلب بمداراتك قلوبهم الأشتات؛ وبادر حبال إبلهم النافرة قبل البتات، وترقب مراسمنا المطاعة إذا ذرت لك مشارقها، وتأهب لجهاد أعداء الله متى لمعت لك من الحروب بوارقها، وأحسن كما أحسن الله إليك، ولولا أن السيف لا يحتاج إلى حلية لأطلنا حمائل ما نمليه عليك، فما شهد للشريف بصحة نسبه، أزكى من عمله بحسبه؛ والله تعالى يقوي أسبابك المتينة، ويمتع العيون بلوامعك المبينة، ويمسك بك ما طال به إرجاف أهل المدينة).

.12- وصية ناظر الحرمين:

(وليعلم أن نظره في هذا البيت المقدس نظير نظره في البيت المحرم، وأن تذممه بضريح الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام مثل تذممه بقبر ابنه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه إذا أم القدس كان تشبيها بقصد مكة إذا يمم، وإذا زم المطايا إلى عين سلوان كان كمن زم إلى زمزم، وإذا زار بلد الخليل كان مثل من زار طيبة إلا أنه ما أسبل فاضل برده ولا تلثم، وإذا علا نشزا من جبال الأرض المقدسة كان كأنما علا جبال الحجاز وإن لم تحد ركائبه بأحد ولا ألم يلملم.
فليباشر هذا النظر بعين لا تمل من النظر، ولا تخل بمصالح يوفي بها النذر من نذر، وليتعهد هذين الحرمين الشريفين متعهدا لأوقافهما تعهد المطر، وليتردد في أكنافهما وليتفقد دوام إسعافهما بما وصلت إليه طاقته وما قدر، وليقم وظائفهما أتم القيام، وليدم عوارفهما التي تعم من جاور فيهما مقيما أو مر بهما وما أقام؛ وليلزم أرباب الخدم فيهما بما يلزم كلا منهم عمله، وليرم في قلوبهم رعبا لا يغيب عن عيانهم، وليمد السماط الكريم للظاعن والمقيم، وليعلم أنه قد ناب عن صاحبه عليه الصلاة والسلام في إفاضة بره العميم، وإضافة الطارق المنتاب في ضحى النهار ودجى الليل البهيم، ووقف في بابه يتلقى الضيفان وهو يعلم ما يلزم من وقف في باب كريم؛ وليبسط يديه بسماح ذلك الجود، ويفتح ويمد ذلك السماط فإنهما ما انقطعا من الوفود.
وأصل الوصايا تقوى الله، وما ينبه على وصية إلا وفيه أحسنها، وبآدابه الحسنى يقمع مسيئها ويزاد محسنها).

.13- وصية أمير العرب:

(والتقوى درعك الحصين، والشرع الشريف سبيلك المبين، والحدود والقصاص بهما تمنع المحارم، والجهاد فإن فيه شفاء لصدور الصوارم؛ فاقتد بالإنصاف زمام زمانك، واثن إلى الحق عنان عنانك، وفرغ فكرك لمصالح الإسلام، وامنع كل طارق حتى الطيف في الأحلام، ومزق بعزمك جلابيب الديجور، وفرق بغوثك والصبح بالكوكب الدري منحور، واستعلم أخبار العدا في طليعة كل صباح، وتأهب لهم فرب يوم يجيء بوجه وقاح، واثبت في اللقاء ثبات مجرب، وتطلع إلى جموعهم التي كم ناظر إليها مع الصبح نجم مغرب، ولا تفارق من وجه البلاد وسيما، ولا تشم من غير الطيبة نسيما، وإذا نزلت على الباب فلا تطلب سوى البراعة له قسيما، ولا تتبدل بالفرات واردا، ولا تتبعك المناظر إذا أرسلت طرفك إلى سواها رائدا؛ واضرب بقارعة الطريق خيامك، وانشر للمعتافين غمامك، وطنب دخانك إلى السماء وابسط ضرامك، وأقبل على الذكر الجميل فكل شيء غاد ورائح، وأنزل بساحتك الضيوف وانحر لهم كوم والهجان وكل طرف سانح، واحفظ أطراف البلاد ممن يتولع ببنانها، أو يترصد لمرابع أسودها أو مراتع غزلانها، وخص الرعايا برعاية تنبت لهم الزروع، وتدر من سوائمهم الضروع، ولا تدخل إلى البرية إلا إذا لم يبق لك بالبلاد مقام، ولا منزل بين شيح وخزام.
وأما العرب فهو أميرهم المطاع، وآمرهم وهم له أتباع، وهو يعرف مقاديرهم، وكيف يعامل كبيرهم وصغيرهم، فليجمعه على طاعتنا الشريفة ما استطاع؛ وليمنعهم من طبع الطباع، وليصدعهم بالحق على حكم استحقاقهم في كل إقطاع واقتطاع؛ وهو بما يصلح لركابنا العالي من الخيل جد خبير، وبما يناسب سرجنا الشريف من كل سابق وسابقة مالها نظير؛ فليأخذ نفسه وإخوته وبني عمه وأهله وعترته الأقربين، بأن يكونوا بالجياد إلينا متقربين، ومتى وردت عليه مراسمنا الشريفة بأمر سارع إلى العمل بحكمه، أو اتصل متجدد يعلمنا منه بما وصل إلى علمه.
وهذا تقليدنا الشريف حجة على من سمعه، أو قصد في خلافه تفريق كلمة مجتمعه. ومرسومنا أن ينقل مضمونه إلى الآفاق، ويعلم به كل مصعد إلى الشام ومنحدر إلى العراق، ليحدو به كل حاد الركاب تساق، ويسمر به في كل حي سامر يتجاذب حواشي حديثه الرفاق، ويتناجى كل راكب مطية وفارس مطهمة عناق؛ فمن بلغنا أنه حاد عن أمره، أو تأول في نقض لرفعة قدره، فالسيف أسبق شيء إلى نحرهن والموت أعجل إليه لأنه فتح من فمه ما كان مسدودا من باب قبره).